top of page

تعتبر الخطة الاستراتيجية للإدارة الانتخابية إحدى الخطوات الرئيسية التي تمكنها من تركيز جهودها للعمل على تحقيق مجموعة من الأهداف المتفق عليها والمستندة إلى المسؤوليات التي يحددها لها القانون. فالخطة الاستراتيجية هي الوسيلة الإدارية التي تنبع منها قرارات الإدارة الانتخابية الرئيسية، كالخطط التنفيذية وتحديد الأولويات، وتوزيع الموارد وتحديد معايير الخدمة. كما وأن الخطة الاستراتيجية توفر للإدارة الانتخابية مرجعية هامة في قيامها بمهامها والخدمات المتوخاة منها، وفي تقوية تنظيمها الداخلي، وتنسيقه وتطويره. أخيراً، فإن الخطة الاستراتيجية من شأنها تمكين الإدارة الانتخابية لللاستجابة إلى متغيرات الواقع المحيط بها، وفهمه والعمل من خلاله بنجاعة أكبر.

 

تشكل الخطة الاستراتيجية كذلك وثيقة عامة تبين ماهية الغرض من وجود الإدارة الانتخابية، وما تقوم به من مهام ولماذا، وما تصبو إلى تحقيقه. وبالإضافة إلى كونها خطة عمل ترشد عمل الإدارة الانتخابية وتحفزه لفترة زمنية محددة، فهي، أي الخطة الاستراتيجية، تعتبر مرجعاً لباقي الشركاء في العملية الانتخابية لقياس مستويات أداء الإدارة الانتخابية استناداً له.

 

تحدد الخطة الاستراتيجية الفعالة رؤية الإدارة الانتخابية كمؤسسة منفتحة، ديمقراطية ومسؤولة. لذا يجب أن تتلاءم تلك الخطة مع نطاق الصلاحيات المعطاة للإدارة الانتخابية، وأن تنفذ بما يتماشى مع الدستور وقانون الانتخاب. وتأخذ الخطة الاستراتيجية بعين الاعتبار كافة العناصر التي يمكن لها التأثير في أداء الإدارة الانتخابية، مثل:

 

  • الإطار القانوني والضوابط الناتجة عنه،

  • التكنولوجيا،

  • الصراعات المحتملة،

  • مشاركة الشركاء في العملية الانتخابية وعزوف الناخبين عن تلك المشاركة،

  • طبيعة العلاقة بين الإدارة الانتخابية والسلطة التنفيذية.

 

من غير المعتاد أن تغطي الخطة الاستراتيجية للإدارة الانتخابية فترة أطول من الدورة الانتخابية الواحدة، إذ أنه قد ينتج عن التقييمات التي تعقب الانتخابات تغييرات هامة في الواقع الإداري للعملية الانتخابية. فالخطة الاستراتيجية ليست وثيقة جامدة، بل أنها مرشد استراتيجي عملي للإدارة الانتخابية، يجب أن يكون قابلاً للتغيير بطبيعة الحال إذا ما تطلبت التغييرات الهامة في الواقع الخارجي أو الداخلي للإدارة الانتخابية استراتيجية معدلة. الإدارة الانتخابية التي تفقتد لخطة استراتيجية كقائد السفينة المبحر دون اتجاه محدد.

 

ومن العناصر الأساسية التي تشتمل عليها الخطة الاستراتيجية، والتي يمكن تطويرها في الخطط التنفيذية، ما يلي:

 

  • الرؤية: ما تصبو الإدارة الانتخابية أن تكون عليه؛

  • الرسالة والأهداف التي تشكل محور تركيز الإدارة الانتخابية؛

  • القيم: المفاهيم الأخلاقية التي ترتكز إليها أعمال الإدارة الانتخابية، كالنزاهة، والمسؤولية، والاستقلالية، والمهنية، والكفاءة، والمساواة والخدمة الجيدة؛

  • النتائج التي تصبو الإدارة الانتخابية إلى تحقيقها والمواضيع الرئيسية التي تهتم بها؛

  • النتائج الأساسية المحددة: التأثير الذي تطمح الإدارة الانتخابية لتركه في محيطها؛

  • المؤشرات: الأهداف التي يمكن إخضاعها لمقاييس محددة لتقييم مدى تحقيقها، ولتقييم مدى تمكن الإدارة الانتخابية من تحقيق النتائج المرصودة؛

  • المعطيات الأساسية حول الإدارة الانتخابية، بما في ذلك تأسيسها، وتشكيلتها وتركبيتها الهيكلية؛

  • استراتيجية إدارة الأداء: كيف ستعمل الإدارة الانتخابية على تعزيز وتطوير أداء الأفراد، وفريق العمل والمؤسسة ككل، بطريقة شمولية، نمطية ومستدامة.

 

ومما يسهم في تمكين الإدارة الانتخابية لتطوير خطتها الاستراتيجية، قيامها بما يعرف بتحليل مواقع القوة، ومواقع الضعف، والفرص المتاحة والعقبات أو التحديات التي تواجهها تلك الإدارة. فتحديد العناصر المتعلقة بالسياق القائم والتي تستند إليها النتائج المتوخاة في الخطة الاستراتيجية، أمر ضروري لإطلاق أحكام عادلة حول مستويات الإنجاز. أما ذلك السياق فيمكن أن يشتمل على عدة أوجه، مثل مستويات مشاركة الشركاء، أو قيام البنية التحتية الملاءمة لتنفيذ الخطة الاستراتيجية، أو توافر الموظفين المؤهلين والحاصلين على الخبرة المطلوبة وإمكانية الاحتفاظ بهم. بالإضافة لذلك، فقد يكون لكل بلد سياقه الخاص في هذا المجال، كالجهود التي قد تفرض على الإدارة الانتخابية للتعامل مع مؤثرات بعض الأمراض، كمرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز)، على موظفيها.

 

من المهم أن تستشير الإدارة الانتخابية شركائها في الانتخابات لإعداد، ومتابعة وتقييم خطتها الاستراتيجية، الأمر الذي من شأنه تعزيز وعي الشركاء وتقديرهم للتحديات التي تواجهها الإدارة الانتخابية، ومواقع القوة فيها، بالإضافة إلى تعزيز ثقتهم بالعملية الانتخابية بشكل عام. وفي نفس الوقت، فإن ذلك يعزز من وعي الإدارة الانتخابية لتطلعات وأولويات شركائها.

 

وم كل عملية انتخابية، كتسجيل الناخبين أو توعيتهم أو عمليات الاقتراع وعد الأصوات، على سلسلة متتابعة من الفعاليات التي يتم تنفيذها استناداً إلى جدول زمني محدد وبما يتماشى مع النصوص والضوابط القانونية ذات العلاقة.

 

وتعمل الخطة التنفيذية على إيضاح كيفية تنفيذ الخطة الاستراتيجية استناداً إلى أهداف محددة. أما الاعتبار الأساسي لتحقيق ذلك فيتمثل في تحديد كل مهمة من مهام الإدارة الانتخابية، والجدول الزمني الخاص بها، والجهة الإدارية المسؤولة عن تنفيذها.

 

ويمكن أن تأتي الخطة التنفيذية على شكل جدول زمني بسيط يتم من خلاله تحديد الفعاليات الأساسية في العملية الانتخابية، كما ويمكن لها أن تتخذ شكلاً أكثر تعقيداً من خلال تحديد جدول زمني خاص بكل فعالية. وكما هي الحال بالنسبة للخطة الاستراتيجية، فالهدف من الخطة التنفيذية هو توفير وسيلة مساعدة لإتمام العملية الانتخابية بنجاح ليس إلا. لذا فلا داعي لإعداد خطط معقدة إذا تمكنا من إيضاح المهام وجدولها الزمني لكافة المعنيين من خلال خطة تنفيذية مبسطة.

 

يمكن أن تشكل الخطة التنفيذية خطة عمل للإدارة الانتخابية أو جدول أعمال زمني للقائمين على تلك الإدارة، كل حسب اختصاصه. ويوضح ذلك الجدول الفعاليات التي يجب إتمامها، والجدول الزمني لذلك، والمستند القانوني لتلك الفعالية وكيفية ربطها بباقي الفعاليات. وفي حال إعداد خطة العمل على هذا الأساس وانطلاقاً من القانون والإطار القانوني المكمل له، فإن ذلك يضمن عدم إغفال أية فعالية انتخابية يتطرق لها القانون.

 

ومن الفعاليات التي يجب أن تتطرق لها الخطة التنفيذية ما يلي:

 

  • قانون الانتخابات

  • الهيكلية / الكادر الوظيفي

  • طريقة عمل اللجان الانتخابية الوطنية، والإقليمية والمحلية

  • وسائل الاتصال والتواصل

  • توظيف الطواقم وتدريبهم

  • الأمن ومتطلباته

  • إقتناء، توزيع واستعادة التجهيزات والمواد

  • إعداد أوراق الاقتراع، والنماذج والإجراءات الانتخابية

  • توعية الناخبين وتوفير المعلومات

  • تسجيل الناخبين

  • تسجيل الأحزاب السياسية والمرشحين

  • ترسيم الدوائر الانتخابية

  • تحديد مواقع الاقتراع

  • يوم الاقتراع

  • المراقبون

  • الإعلان عن نتائج الانتخابات

  • فعاليات ما بعد الانتخابات

  • الشكاوى والاعتراضات على نتائج الانتخابات

  • التدقيق والتقييم

 

ولاعتبارات إدارية فمن المفضل التحقق من تضمين كافة الفعاليات الانتخابية لأية خطة تنفيذية مفصلة. وذلك يجب أن يشمل الفعاليات الانتخابية التي قد توكل لجهات أخرى غير الإدارة الانتخابية، كاللجنة المشرفة على الانتخابات، أو لجنة ترسيم الدوائر الانتخابية، أو أية مؤسسة انتخابية أخرى.

 

يجب أن تستفيد الخطة التنفيذية من دروس العمليات الانتخابية السابقة، حيث أن التقييم الشامل للعملية الانتخابية عقب الانتخابات من شأنه أن يرينا إذا ما كانت الخطة التنفيذية ناجحة في تأدية هدفها أم لا. فذلك سيساعد على تحديد مواقع النجاح ومواقع الإخفاق، والأسباب الكامنة خلف ذلك، وما كان بالإمكان القيام به بشكل أفضل، وهل يمكن تحقيق مزيد من التوفير في تكاليف العمليات الانتخابية المختلفة، وهل يمكن العمل على تبسيط بعض العمليات ورفع مستوى فاعليتها. فالإستفادة من هذه الدروس من شأنه المساعدة في توفير الوقت والجهد أثناء التخطيط للانتخابات القادمة.

 

كما ويجب أن توفر الخطة التنفيذية توجيهات واضحة حول كيفية التعامل مع حالات الطوارئ. فعلى الرغم من عدم إمكانية التكهن المسبق بالكوارث، إلا أنه يجب التطرق إلى إمكانية حدوث بعض الأمور الطارئة، كحريق في موقع الاقتراع، أو في مركز المعلومات أو خلال عد الأصوات، أو حدوث أعمال شغب أثناء الاقتراع، بحيث يمكن توفير إجراءات وتعليمات واضحة لموظفي الانتخابات حول كيفية التعامل مع تلك الحالات.

 

يعتمد نجاح العملية الانتخابية إلى حد كبير على كفاءة والتزام فريق أساسي من موظفي الانتخابات. ومما يساعد على تنفيذ الخطة التنفيذية بحذافيرها إشراك الموظفين في فهم واستيعاب الخطة التنفيذية وجعلها ملك لهم. لذلك فمن المهم بمكان التحقق من عرض الخطة على الموظفين ومناقشتها معهم والسماح لهم بطرح الاستفسارات وتقديم الاقتراحات حولها في الفترة التي تسبق الانتخابات وأثناء إعداد الخطة التنفيذية. حيث أن إشراك الموظفين منذ البداية من شأنه أن يرفع من مستويات التزامهم وإحساسهم بملكية الخطة التنفيذية، مما يشعرهم بمزيد من المسؤولية عن إدارة الانتخابات.

 

bottom of page